responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 301
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الماعون
سبع آيات مكية

[سورة الماعون (107) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ بَعْضُهُمْ (أَرَيْتَ) بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا لَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ، لِأَنَّ الْهَمْزَةَ إِنَّمَا طُرِحَتْ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ نَحْوَ يَرَى وَأَرَى وَتَرَى، فَأَمَّا رَأَيْتُ فَلَيْسَ يَصِحُّ عَنِ الْعَرَبِ فِيهَا رَيْتُ، وَلَكِنَّ حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ لَمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ سَهَّلَ إِلْغَاءَ الْهَمْزَةِ وَنَظِيرُهُ:
صَاحَ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ ... رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الْعِلَابِ
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ (أَرَأَيْتَكَ) بِزِيَادَةِ حَرْفِ الْخِطَابِ كَقَوْلِهِ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ [الْإِسْرَاءِ: 62] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أَرَأَيْتَ مَعْنَاهُ هَلْ عَرَفْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالْجَزَاءِ مَنْ هُوَ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ فَهُوَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ، لَكِنَّ الْغَرَضَ بِمِثْلِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعَجُّبِ كَقَوْلِكَ:
أَرَأَيْتَ فُلَانًا مَاذَا ارْتَكَبَ وَلِمَاذَا عَرَّضَ نَفْسَهُ؟ ثُمَّ قِيلَ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: بَلْ خِطَابٌ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَيْ أَرَأَيْتَ يَا عَاقِلُ هَذَا الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ بَعْدَ ظُهُورِ دَلَائِلِهِ وَوُضُوحِ تبيانه أيفعل ذلك لا لغرض، فيكف يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ جَرُّ الْعُقُوبَةِ الْأَبَدِيَّةِ إِلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ أَوْ لِأَجْلِ الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَبِيعَ الْكَثِيرَ الْبَاقِيَ بِالْقَلِيلِ الْفَانِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرُوا أَشْخَاصًا، فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي أَبِي سُفْيَانَ كَانَ يَنْحَرُ جَزُورَيْنِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، فَأَتَاهُ يَتِيمٌ فَسَأَلَهُ لَحْمًا فَقَرَعَهُ بِعَصَاهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ صِفَتِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّكْذِيبِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْإِتْيَانِ بِالْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ،
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَصِيًّا لِيَتِيمٍ، فَجَاءَهُ وَهُوَ عُرْيَانٌ يَسْأَلُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَدَفَعَهُ وَلَمْ يَعْبَأْ بِهِ فَأَيِسَ الصَّبِيُّ، فَقَالَ لَهُ أَكَابِرُ قُرَيْشٍ: قُلْ لِمُحَمَّدٍ يَشْفَعْ لَكَ، وَكَانَ/ غَرَضُهُمُ الِاسْتِهْزَاءَ وَلَمْ يَعْرِفِ الْيَتِيمُ ذَلِكَ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْتَمَسَ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست